البحر الميت هو بحيرة ملحية مغلقة تقع في أخدود وادي الأردن ضمن الشق السوري الأفريقي، على خط الحدود الفاصل بين الأردن وفلسطين التاريخية (الضفة الغربية وإسرائيل). يشتهر البحر الميت بكونه أخفض نقطة على سطح الكرة الأرضية، حيث بلغ منسوب شاطئه حوالي 400 متر تحت مستوى سطح البحر حسب سجلات عام 2013.[1][2]
يصل عرض البحر الميت في أقصى حد إلى 17 كم، بينما يبلغ طوله حوالي 70 كم. وقد بلغت مساحته في عام 2010 حوالي 650 كم2 إذ تقلصت خلال الأربع عقود الماضية بما يزيد عن 35%. كما يتميز البحر الميت بشدة ملوحته، إذ تبلغ نسبة الأملاح فيه 34.2%، وهو ما يمثل تسعة أضعاف تركيز الأملاح في البحر المتوسط. وقد نتجت هذه الأملاح كون البحيرة هي وجهة نهائية للمياه التي تصب فيه، حيث أنه لا يوجد أي مخرج لها بعده، كما يلعب المناخ الصحراوي للمنطقة الذي يمتاز بشدة الحرارة والجفاف ومعدلات التبخر العالية دورًا كبيرًا في هذا الأمر.[3] عانى منسوب البحر الميت مؤخرًا من التراجع المستمر، حيث يرجع هذا الأمر إلى عدد من الأسباب الرئيسية، كالاستخدام المكثف لمصادر المياه، وأهمها نهر الأردن، وضخ المياه في الحوض الجنوبي، حيث يتكون حوض البحر الميت حاليًا من حوضين؛ شمالي وجنوبي.[4] ونتيجة للإنخفاض المستمر لهذا المستوى، تعرض الجزء الجنوبي من البحيرة للجفاف، حيث أن الجزء الجنوبي أقل عمقًا من نظيره الشمالي، ويصل ارتفاع منسوب شاطئه إلى 401 متر تحت مستوى سطح البحر. ومع تجفيف الجزء الجنوبي، تم إنشاء برك لتبخير المياه وإنتاج البوتاس والمواد الكيماوية الأخرى عبر مصانع البوتاس الإسرائيلية، وشركة البوتاس العربية في الأردن. وتحتاج تلك البرك إلى ضخ كبير من مياه البحر، مما أثر تأثيرًا كبيرًا على مستوى سطح البحر.[5] لقد بلغ المعدل السنوي لانخفاض مستوى سطح البحر خلال العقد المنصرم بمقدار يعادل الفقدان لمدة سنة كاملة، حيث أصبح المستوى ينخفض حوالي متر كل عام. ولقد زاد هذا المعدل في عام 2012 بشكل واضح، ليبلغ إنخفاض مستوى البحر 1.40 متر. وقد أدى الانخفاض التراكمي في مستوى المياه إلى تغيرات كبيرة أيضا في البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك تغيرات لا يمكن الرجوع عنها في الجزء الشمالي، من خلق للمجاري، والانسحاب من الشواطئ، والأضرار التي لحقتبالبنية التحتية (الطرق والجسور) والمحميات الطبيعية.[6] يُعد البحر الميت مهم جدًا للصناعة والسياحة في المنطقة، حيث تُعتبر تركيبة مياهه مختلفة عن المياه الطبيعية، باحتواءها على تركيز عالي من الكالسيوموالبوتاسيوم. ويُستغل هذا في مصانع الجانبين الأردني والإسرائيلي. وترجع الأهمية التاريخية والسياحية لمنطقة حوض البحر الميت إلى البحر نفسه وإلى شواطئه، حيث توجد بعض المعالم الأثرية والدينية الهامة في المنطقة مثل مسعدة، خربة قمران، وكهف النبي لوط، بالإضافة إلى التشكيلات الملحية الطبيعية فيه، والمناخ السائد، كلها جعلت من البحر الميت نقطة جذب سياحية عالمية، وخصوصًا فيما يتعلق بالسياحة العلاجية.[7] وتحوي المنطقة على الآف الغرف الفندقية، حيث تتركز في الجزء الشمالي الشرقي في الأردن، بالإضافة إلى الجزء الغربي المطل على الحوض الجنوبي.[8] وقد رُشح ليكون أحد عجائب الدنيا السبع الطبيعية في نطاق البحيرات.[9] |
تُعد منطقة البحر الميت من أهم المناطق السياحية للاستشفاء البيئي على مستوى العالم، حيث تتميز بمجموعة من العوامل الطبيعية ما جعلها تحظى بمركز تنافسي في المنطقة في مجال السياحة العلاجية والاستشفاء نظرًا لما يتمتع به من خصائص مناخية فريدة سواءً بخلوه من الرطوبة، وباحتوائه على عيون كبريتية جعلته مؤهلاً لعلاج العديد من الأمراض وخاصة الجلدية منها، والتي تنتشر بصورة كبيرة، حيث يصل عدد المصابين بها في أوروبا إلى 25 مليون مريض، إضافةً إلى علاج الروماتويد، وبذلك امتلكت منطقة البحر الميت عناصر مهمة للجذب السياحي ليس فقط في سياحة الاستشفاء، ولكن بتميزه أيضًا في سياحة الترفيه والسياحة البيئية.[86] إن اختيار منطقة البحر الميت من خلال منظمة الصحة العالمية كمركز عالمي لعلاج الكثير من الأمراض الجلدية في عام 2011، يدل على أهمية المنطقة في مجال السياحة العلاجية. وتعتمد العديد من الفنادق المقامة على ساحل البحر الميت على تقديم العلاج الطبيعي القائم على الاستفادة من الخصائص الطبيعية المميزة للمنطقة دون استخدام أي أدوية كيماوية على الإطلاق. وتؤكد العديد من الدراسات أن منطقة البحر الميت بإمتلاكها هذه المزايا العلاجية يمكنها تحقيق أكبر عائد مادي سياحي للأردن، حيث إن نسبة الإصابة بالأمراض الجلدية يتراوح ما بين 1 : 3% من تعداد السكان.[86]
كما شهدت سياحة المؤتمرات في البحر الميت تطورًا ملحوظًا خلال الآونة الأخيرة، وأصبحت منطقة البحر الميت تختص بهذا النوع من السياحة، من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات واللقاءات على كافة المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، حيث تتولى جهات مختصة مهمة تنظيم هذه اللقاءات والمؤتمرات وتوفير خدمات لا تقتصر على الجانب الرسمي للمؤتمر، وإنما تشتمل ايضًا على تقديم الخدمات السياحية والترفيهية للمشاركين.[87] وقد قام الأردن بتأسيس شركة البحر الميت للمؤتمرات و المعارض في عام 2003 بمشاركة مجموعة من المستثمرين الأردنيين والعرب. فكانت باكورة مشاريع هذه الشركة هو إنشاء مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات لاستضافة أهم الفعاليات والمؤتمرات الاقليمية والعالمية. ولقد ساهم هذا المشروع في وضع الأردن على الخارطة العالمية لملتقيات رجال الاعمال والاستثمار، حيث استضاف المركز المنتدى الاقتصادي العالميلأكثر من مرة.[88][89] وينظم الأردن سنويًا ماراثوناً للركض في البحر الميت بمشاركة الآلاف من المواطنين والسيّاح إنطلاقًا من عمّان وإنتهاءً بشاطئ عمّان السياحي المطل على البحر الميت. ويُقام هذا الحدث لدعم مرضى الدماغ والأعصاب في المملكة.[90][91] منتجات البحر الميت. كما تنتج مختبرات البحر الميت الكثير من مستحضرات التجميل المصنوعة من المعادن المستخرجة من طينه، حيث تتوفر في الأسواق في أنحاء الأردن، أو يمكن طلبها عبر شبكة الإنترنت فيتم تسليمها إلى أي مكان في العالم، لكي يتمكن الزوار من الاستمرار بالتمتع بفوائد البحر الميت، بعد عودتهم إلى ديارهم بفترة طويلة.[92] من جهة أخرى، خصصت الحكومة الإسرائيلية في 2012 مبلغ 220 مليون دولار لما أسمته "تطوير وتأهيل البحر الميت". وستغطي معظم الموازنة تطوير المنطقتين السياحيتين على البحر الميت والمسماتين "تامي زوهر" و"عين بوقيق" وما بينهما، فضلا عن تأهيل ومعالجة المناطق والبنى التحتية التي تضررت أو التي يخيم عليها الخطر. وعند إنجاز المشروع، تتوقع الحكومة الإسرائيلية أن يرتفع عدد الغرف الفندقية المعروضة من 4000 إلى 6500. ويهدف المشروع الإسرائيلي، بشكل أساسي، إلى تحويل البحر الميت إلى أحد المواقع السياحية الرائدة في العالم؛ وهو لا يمس من قريب أو بعيد مشكلة استنزاف المصانع الإسرائيلية للموارد الملحية الطبيعية في البحر، علما بأن المصانع الإسرائيلية تستنزف سنويا أكثر من 250 مليون متر مكعب من مياه البحر الميت |